بتجرد : تهديدات الصحفيين… حقيقة لا متاجرة !!
بتجرد : تهديدات الصحفيين… حقيقة لا متاجرة !!
وزير مايكل*
كثيرون في مواقع التواصل الإجتماعي وخاصة “الفيسبوك” أدرجوا سهام نقدهم على بعض الصحفيين مِمَنْ يتعرضون للتهديدات إما بالقتل او الإعتقال جراء ما يكتبونه في الصحف من مقالات قد تكون ناقدة للأوضاع المزرية التي يعيشها المواطن بجنوب السودان منذ نشوب الحرب منتصف ديسمبر 2013م، إذ يستكينون بحجة أن ((Unknown Gunman الذي يعتبر المتهم الأول بهذه التهديدات او القتل كثيراً ما يرتكب جريمته دون سابق إنذار، وهذه حقيقة لا يمكن أن أنكارها بأي حال من الأحوال لأن الشواهد التي تدعم هذا المنحى كثيرة، لكن حالة الصحفيين قد تختلف عن بعض الشواهد من الحالات المماثلة، فدافع مستر (المجهول) في إرتكاب جريمة غالباً ما يرتبط بنهب الضحية دون الإنتقاص من أهمية الدوافع الأخرى بالطبع، أما تهديد الصحفي فمعظم التقديرات تقول بأنه ينبع من الرأي الذي يدلي به وهو ما يولّد في نفس (المجهول) الشعور بالكره تجاه الصحفي، ومع التزايد المستمر لهذا الشعور يحدث التهديد او الإعتقال او القتل او كلاهم معاً، وإليكم أيها القراء بعض البراهين والدلائل.
(*) الصحفي أفندي جوزيف قبل إعتقاله بأيام، قام أحد المجهولين بكتابة تعليق في بوست لـ”أفندي” بصفحته في الفيسبوك، أورد فيه أنه يعرف المكان الذي يتواجد فيه “أفندي” بحي الثورة كل مساء، وزاد بأنه سيدفّع “أفندي” ثمن كتاباته الناقدة للحكومة ما لم يتوخى الحذر ويحيد عن هذا الدرب، قلت لـ”أفندي” يومه بأن عليه التعامل مع التحذير بجدية ولو من مصدر مجهول، لكن في النهاية ماهي النتيجة، إعتقال “أفندي” وإذلاله من قبل أمن العمارة. “أتقول المجهول من آل العمارة” !!
(*) الصحفي شان جوزيف أوير الذي يكتب بصحيفة “الموقف”، تعرض لموقف مماثل، إذ بعث (مجهول) رسالة عبر بريده الإلكتروني الخاص في شهر يناير الماضي، قال فيها أن إنتقاد “أوير” لقرار الحكومة في تقسيم البلاد إلى (28) ولاية خط أحمر، والتطاول على هذا الخط يعرض صاحبه للقتل خاصة وأنه بحسب الرسالة ظل يتابعه منذ أن كان يكتب بصحيفة (الرأي) و (التعبير) “المتمردتين “على حد وصف المجهول، يومئذٍ جاءني “شان” ومعه نص من الرسالة التي هددوه بها، وقد قلت له أنه من الصواب نشر الموضوع في نفس الجريدة التي يكتب فيها وهذا ما حدث.كإعتقاد من قبيلة الصحافة بأن نشر التهديد ربما يخيف صحابه وبالتالي يكف عن فعلته خاصة إذا إنفضح أمره في العلن.
(*) الكاتب الصحفي “عمر إسحق” هو الآخر إستقبل عبر هاتفه رسالة تهديد بالقتل لأسباب تتعلق بإنتقاده لواقعة (واو) الأخيرة، ولا أعرف إن كان إستهجان هذه الحادثة لدى البعض ذا علاقة بمواقف “إسحق” الداعمة لخط الحكومة أم لا، قد نتفق في أن الصحفي ربما يكون لديه مواقف او آراء مع أو ضد لكن تلك المواقف او الآراء لا تجرده من صفته كصحفي، وبمثلما نحترم الصحفيين الحكوميين والأمنيين نحترم كذلك الصحفيين المعارضين وخلافهم، هكذا هي ثمة العلاقة القائمة شريط أن يتفق جميعهم حول المواطن وما يعاني منه من عذاب معيشي وغيره.
(*) الراحل الخلوق “أبراهام أيزايا” قبل أن يتم إزهاق روحه الطاهرة، بعثوا له رسالة تهديد في أكثر من مرة، لكنه لم يعر لها أي إهتمام، وهذه حقيقة كانت غائبة على الكثيرين مِمَنْ ينتقدون اليوم واقعة التهديدات ويستدلون بحادثة فقيد الصحافة “أيزايا”.
(*) شهداء الكلمة من الصحفيين الخمس الذين راحوا ضحية مكيدة من مسلحين مجهولين في طريق (واو –راجا)، كانت حكومة “رزق زكريا” على علم بتحذيرات هذه الجماعة المسلحة، وعندما تحرك موكب محافظ راجا كان على دراية بأن هناك مخاطر أمنية على طول الطريق لأن الجماعات المسلحة كانت نشطة في ذاك الإتجاه وقتئذٍ.
مستر (المجهول) يتباهى بعبقريته في الإفلات من العقاب كل مرة، يرتكب جريمته في وضح النهار أحياناً ولا يسأله أحداً، يمتلك قدرات تفوق إمكانيات القوة الرسمية في التسليح، لم يسأل أحداً ذات يوم من أين له بكل هذه الإمكانيات؟ ولماذا هو الساحر الوحيد الذي لا تقدر يد العدالة الإمساك به؟ من أين له بسيارات اللاندكروزر ذات الدفع الرباعي التي يتجول بها لحظة تنفيذ المهمات؟ من أين له بالزّي العسكري الذي يتبختر به؟ وإن كان مواطناً كما تزعم السلطات، ما الفائدة من الرهان على سلطات عاجزة أمام مواطن مقوى كهذا في حماية البقية؟ لماذا لم يتوجوه أميراً لمؤمني النظام كي ينوب عنا في أمر الحماية بعدما فشلت دعاة الشرعية؟
والله أحلف ولو كنتُ “كافراً ” كما يزعم مشروع السودان الجديد، إن كان لدي ذرة عقل لتوّجت هذا “المجهول” بوسامة شرفية من الدرجة الأولى لأهليته كفاءةً وتسليحاً من السلطات الرسمية، فالزعم بالشرعية والتلذذ بها أمر مقزز في حال إرتبط بالنأى عن مسؤوليات وإلتزامات الشرعية محل الإدعاء !!
خلاصة القول و الأمر – فى تقديرى – الإعتقاد بأن هذه التهديدات وراؤها متاجرات، إعتقاد زائف ولا يمت للوقع الذى أمامنا بصلة، فأرجو تفحُّص الأمور قبل البوح أو الحكم عليها، إن كان القصد من وراء ذلك البحث عن الحقيقة….والسلام
وزير مايكل
*الكاتب صحفى من جنوب السودان