15 أبريل: حرب ضد الزرع والضرع .. بابنوسة نموذجاً
أصبح المواطنون إمّا محاصرين معزولين وجوعى، أو شقوا طريقهم بعيداً، فى رحلة نزوح ولجوء قاسية
15 أبريل: حرب ضد الزرع والضرع .. بابنوسة نموذجاً
أصبح المواطنون إمّا محاصرين معزولين وجوعى، أو شقوا طريقهم بعيداً، فى رحلة نزوح ولجوء قاسية
مديحه عبدالله
بينما تحتدم المعارك بين طرفي الحرب للسيطرة على المواقع العسكرية فى مدينة بابنوسة غرب كردفان، يفر المدنيون من مواقع سكنهم وزراعتهم ومراعيهم، ليواجهوا الجوع والتشرد..آخر تقرير صادر من غرفة طوارئ بابنوسة أوضح أن (65) ألف من المواطنين نزحوا بسبب المعارك (وكالة أنباء العالم العربي) …بابنوسة وأهلها نموذج لمآسي الحروب فى السودان المتطاولة، فالمدنية التى كانت تربط بين غرب وشرق وشمال البلاد بالسكك الحديدية، ويتمتع أطفالها باللبن والغذاء، ويمارس فيها الرعاة والمزارعين أعمالهم، وكانت نواة لصناعة المنتجات المحلية (الألبان) والتنمية والإستثمار فى مورد أخشاب البابنوس، أصبحت أرض طاردة لأهلها، ليتحكم فى مصيرها جنرالات الحرب، والأسوأ بات المنتجون وأطفالهم مرضى بسبب الجوع وسوء التغذية، حتى لم يعد العالم مشغول بوقف الحرب، قدر انشغاله بتوصيل المساعدات الإنسانية.
ويصل جنرالات الحرب إلى أقصى درجة من السوء عندما تصبح تلك المساعدات محل تنازعٍ بينهم، فى مناطق النفوذ التى استولوا عليها بقوة السلاح، وأصبح المواطنون إمّا محاصرين معزولين وجوعى، أو شقوا طريقهم بعيداً فى رحلة نزوح ولجؤ قاسية.. إنها بكل المقاييس حرب ضدنا كسودانيين بكل تنوعنا الإقتصادي والإجتماعي والثقافي، وخطاب الكراهية والعنصرية المصاحب للحرب، ما هو إلّا أداة من أدوات لوردات الحرب لتغبيش الوعي، وتحويلها لحرب بيننا كسودانيين، حتى تجد الدعوة لتجييش المجتمع طريقها لتسود وتصبح حرب الكل ضد الكل، ومن ثم تجد الدعوات الخبيثة للتقسيم والتفتيت بيئةً مهيئةً لتحقق مقاصدها ضد الوطن وأهله
القوى المدنية والسياسية المناهضة للحرب، تعمل ليل نهار، بأصوات متعددة، تعكس التنوع والإختلاف، وهو أمر لايمكن تفاديه فى السودان بكل تعقيدات الوضع فيه، لكن، هذه القوى لابد أن تضع فى حساباتها حقائق موضوعية، هى أن مراكز الإيواء ومخيمات اللجؤ داخل وخارج السودان، تضم كافة السودانيين المتضررين من الحرب، الرعاة والمزارعين والفئات المهنية والعمالية والحرفيين والتجار وأصحاب الأعمال نساء ورجال، والأطفال وهم الفئة الأكثر تضرراً من القتال والدمار الحاصل، أي يجمعنا الضرر من الحرب غض النظر عن المنطقة والقبيلة والدين والانتماء السياسى، هذا الضرر الشامل هو القماشة المطلوبة لخطاب سياسي مدني يهزم دعاة الموت، ينطلق من منصة مواجهة أهداف الحرب اللعينة، بلغة تهدف لتحقيق وقف الحرب وحماية الوطن ووحدته وحماية أهله من الموت والتشرد.