الحرب والسيول يفاقمان حدة الجوع في معسكرات دارفور
كيف يمكن لجائع أن يزرع أرضه ؟!
معسكرات دارفور : 7 أغسطس 2024
منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة
إعداد وتحرير : راديو دبنقا
“بعض النازحين بمعسكر كلمة في جنوب دارفور لم يتناولوا أي وجبة منذ ثلاثة أيام، وهنالك وفيات مستمرة وسط الأطفال وكبار السن، الأطفال يتضورون جوعاً ويتعالى صراخهم، الأوضاع بالغة السوء، وأنا عاجز عن الوصف والتعبير…” يقول رئيس معسكر كلمة بولاية جنوب دارفور الشيخ إسحاق محمد عبد الله لراديو دبنقا.
ومنذ اندلاع الحرب في أبريل من العام الماضي يشكو النازحون في دارفور من توقف المساعدات الإنسانية، بينما أدى الخريف والسيول أيضاً إلى صعوبة وصول المساعدات من تشاد عبر معبر الطينة، حيث ظل مسؤولوا الوكالات الأممية يطالبون الحكومة بفتح المعابر الحدودية بما فيها معبر أدري على الحدود مع تشاد.
وتبلغ عدد الأسر المستحقة للمساعدات في معسكر كلمة بحسب المسح الذي أجرته إدارة المعسكر في أبريل الماضي أكثر من 142 ألف شخص.
ويصف الشيخ إسحاق في مقابلة مع راديو دبنقا الأوضاع في المعسكر بالمأساوية مطالباً المنظمات بالتدخل العاجل، وفتح المسارات والممرات الآمنة لمرور المساعدات.
وقال:” إن بعض الأمهات خرجن للزراعة منذ أكثر من عشرة أيام، وتركن أطفالهن في المنازل بدون أي مواد غذائية، واكتشفنا أن بعضهم لم يتناولوا أي وجبة منذ ثلاثة أيام والبعض الآخر لا يتناول سوى البليلية”.
وأشار إلى وصول شاحنة مساعدات واحدة قبل ثلاثة أسابيع تحمل 900 جوال ذرة، وجرى توزيعها على النازحين جميعهم بالمعسكر الذين يبلغ عددهم 142 ألفاً و300 نازح بواقع 9 أوقيات لكل شخص وهي لا تكفيهم لمدة يوم واحد.
وأوضحت منظمة الأغذية والزراعة يوم الجمعة الماضي، أن 5 شاحنات تحمل 190 طنًا متريًا من بذور الذرة الرفيعة في طريقها إلى نيالا، جنوب دارفور.
وفي مايو الماضي، كشفت الإدارة العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين عن وفاة 66 طفلاً في معسكر كلمة نتيجة سوء التغذية وانعدام الأدوية الخاصة بالأطفال، كما توفي 38 من كبار السن و6 نساء حوامل خلال ذات الشهر.
وبشأن الموسم الزراعي أكد الشيخ إسحق إن النازحين شرعوا في زراعة المحاصيل، ولكنه تساءل في الوقت ذاته “كيف يمكن لجائع أن يزرع أرضه ؟!”.
وكان تقرير للجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي يوم الخميس تفشي المجاعة في أجزاء من ولاية شمال دارفور، لا سيما معسكر زمزم للنازحين داخليا، مبيناً أن ذلك سيستمر خلال الشهرين المقبلين.
ويقع معسكر زمزم جنوب مدينة الفاشر على بعد حوالي 12 كيلومتراً، ويحوي أكثر من 500 ألف نازح، وهو واحد من المخيمات الـ(171) التي سلط الضوء عليها في دارفور.
ويرى النازحون في مختلف أرجاء دارفور، إن أوضاعهم لا تختلف كثيراً عن معسكر زمزم.
غلاء طاحن
وفي ذات السياق قال الشيخ صلاح عبد القادر رئيس (سنتر أربعة) بمعسكر كلمة لراديو دبنقا: إن النازحين في المعسكر يعانون الغلاء وندرة المواد الغذائية مع عدم توفر مصادر الدخل أو فرص العمل، ونبه إلى تفشي سوء التغذية وسط الأطفال والمسنين. وأشار إلى ارتفاع سعر جوال الذرة إلى 220 ألفاً، وملوة الذرة من 9 إلى 10 آلاف. وقال:”ليس هنالك ما يؤكل، والنازحين يضطرون لتناول العمباس وقشر الذرة”. ويضيف” هنالك تفشي للملاريا، بشكل وبائي، وإن عدم توفر الغذاء من شأنه أن يؤدي إلى وضع كارثي”.
ونوه لتوقُّف حركة البيع والشراء لعدم توفر مصادر الدخل، وتابع مستنجداً “نحن بشر، الرجاء انظروا إلينا، بعين الرحمة، نطالب الوكالات كلها للاتجاه إلى دارفور”
من جهته وجه الشيخ إبراهيم أحمد عبد الله رئيس (سنتر 3) في معسكر كلمة عبر راديو دبنقا نداءً إلى المجتمع الدولي للتدخل العاجل، ودعا للنظر بعين الاعتبار لمعاناة النازحين.
وأشار إلى أن جوال الدقيق زنة 25 كيلو بلغ 72 ألفا جنيه وكيلو الدقيق ثلاثة آلاف، وجوال الأرز 100 ألف جنيه، وكيلو الأرز أربعة آلاف، بينما بلغ رطل الويكة أربعة آلاف، ورطل الصلصلة 3500 جنيه، ورطل السمك 5 آلاف، بينما بلغ سعر زجاجة الزيت 2200 جنيهاً.
تسول
من جانبه قال النازح عبدالله محمد من معسكر كساب بمحلية كتم في شمال دارفور عن تزايد ظاهرة التسول في المعسكر؛ بسبب الغلاء وندرة المواد الغذائية، وقال إن أسعار السلع ارتفعت على نحو غير مسبوق حيث بلغ سعر جوال السكر 165 ألف جنيه، ورطل السكر ألف وسبعمئة جنيه، وجركانة الزيت 172، وزجاجة الزيت 3 آلاف، ولفت إلى عدم توزيع مساعدات غذائية منذ وقت طويل.
وقال إن الخريف مبشر هذا العام، لكن عدم توفر الغذاء يهدد الموسم الزراعي، ودعا لإنقاذ النازحين في معسكر كساب من الجوع والمرض.
وفي شمال دارفور قال النازح إسماعيل خريف لراديو دبنقا: إن النازحين في معسكر أبو شوك يعانون نقصاً حاداً في الغذاء مع تفشي أمراض سوء التغذية. ونبه إلى عدم توفر فرص العمل، وأنّ المحلات والأسواق مغلقة بسبب الحرب.
سوء تغذية في معسكر السلام بنيالا
وأوضح الدكتور محمد يحي، وهو طبيب متطوع في مركز صحي معسكر السلام بنيالا، لراديو دبنقا عن تسجيل 600 حالة إصابة بسوء التغذية وسط الأطفال بالمعسكر، ونحو 40 حالة إسبوعياً وسط النساء الحوامل منذ نهاية مايو الماضي.
من جانبه، نبّه محجوب تبلدية شيخ معسكر السلام بولاية جنوب دارفور عن تردي الوضع الصحي بالمعسكر. وقال لراديو دبنقا إن انسحاب منظمة (أي إم سي) من نهاية شهر مايو أدى لتضرر النازحين في المعسكر الذين يبلغ عددهم 184 ألف نازح.
نداء
ومن ولاية وسط دارفور، دعا الشيخ عبد الكريم يعقوب رئيس معسكر الحميدية بزالنجي عبر راديو دبنقا المجتمع الدولي لإنقاذ النازحين مشيرين إلى الانعدام التام للمواد الغذائية.
وفي ذات السياق، يصف يوسف إدريس شوقار رئيس اللجنة القانونية لمعسكرات وسط دارفور في حديث لراديو دبنقا الوضع الإنساني في معسكرات دارفور بأنه كارثي، مشيراً إلى عدم توفر الغذاء، وقال إن سعر ملوة الذرة يتراوح بين 10 و12 ألفاً، بينما تبلغ تكاليف طحن المد ألف جنيه، فيما بلغ سعر رطل السكر 200 جنيه، والصلصة ثلاثة آلاف جنيه.
وأشار إلى أن بعض النازحين يموتون جوعاً، وبسبب سوء التغذية، وعدم توفر العلاج المناسب، بينما يضطر بعضهم لتناول قشر الذرة… وقال محذراً “الوضع لا يحتمل التأخير، ولو امتدت الأزمة لشهر أو شهرين، فإن خطر الموت يهدد الجميع”.
من جهته كشف سيف الدين عبدالله هارون مسؤول الإعلام بمعسكر الحميدية لراديو دبنقا عن تفشي سوء التغذية وسط الأطفال وكبار السن.
وتسيطر قوات الدعم السريع على ولايات دارفور الأربع، غرب وشرق ووسط وجنوب دارفور ومعظم محليات شمال دارفور، عدا الفاشر.
جبل مرة: مجاعة طاحنة
وتواجه مناطق سيطرة حركة تحرير السودان قيادة عبدالواحد في جبل مرة أوضاعاً مماثلة حيث أعلن جمال محمد موسى مقرر السلطة المدنية في قوله، الأسبوع الماضي، عن مجاعة طاحنة، داعياً المنظمات للتدخل العاجل.
من جانبه قال آدم رجال الناطق باسم المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين في دارفور، خلال إجتماع مع ممثلي الوكالات الأممية في يوليو الماضي بنيرتتي بوسط دارفور ، إن الحرب التي اندلعت في أبريل الماضي، والعقبات التي تواجه وصول المساعدات، بجانب فشل الموسم الزراعي، أدى إلى حدوث أزمة، وندرة في المواد الغذائية. ووصف الوضع في المعسكرات بالمزري، مبيناً أنها تعاني مجاعة، وأغلبية الأسر لا تتحصل على وجبات.
وأشار آدم رجال إلى وجود 115 ألفاً من النازحين القدامى والجدد في نيرتتي، بجانب 60 ألفاً من المجتمعات المضيفة، ونبه إلى نفاذ المخزون الغذائي للمواطنين والنازحين القدامى بعد اقتسامها مع النازحين الجدد.
من جانبه، كشف القيادي في معسكرات النازحين في نيرتتي، آدم أوكرو، عن الانتشار الواسع للجوع وتفشي سوء التغذية وسط الأطفال والحوامل والمسنين، وحدوث وفيات في أوساطهم.
وقال إن عدداً كبيراً من النازحين لا يتناولون أي وجبات غذائية لمدة يومين، وبعضهم لا يتناولون سوى البليلة وأوراق الشجر.
وفي مناطق سيطرة حركة تحرير السودان قيادة عبد الواحد أيضا كشف رباني سعيد يوسف، عضو غرفة الطوارئ في شرق جبل مرة دربات تقع عن ارتفاع كبير في معدلات سوء التغذية وسط الأطفال.
وفي ذات السياق شكا النازح إسماعيل آدم موسى نازح من نيفاشا إلى دربات شرق جبل مرة من نقص في الغذاء والإيواء، وطالب بتدخل المنظمات كما تمضي النازحة مريم محمد آدم سليمان نيفاشا، لتقول في دربات نحن بحاجة ماسة للأكل والشرب.
من جهته نبّه توبي هاروارد نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان خلال زيارته مناطق سيطرة حركة تحرير السودان قيادة عبدالواحد في يوليو الماضي إلى دخول 77 طفلاً إلى مستشفى (أطباء بلا حدود) في روكرو بوسط دارفور خلال أسبوع واحد، وهم يعانون سوء التغذية الحاد مع مضاعفات طبية. وأضاف معدلات الوفيات آخذة في الارتفاع، وسيموت العديد من الأشخاص الأشد ضعفاً، ما لم نحصل على المزيد من الدعم.
ويطالب النازحون في مختلف معسكرات دارفور، الأمم المتحدة، بالتدخل العاجل والإسراع في توصيل المساعدات، كما ناشدوا طرفي الحرب، بوقف القتال وفتح المسارات الآمنة لمرور المساعدات.
ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني
#ساندوا_السودان
#Standwithsudan