تقاريرتقاريرسلايدرصحافة حقوق الانسان

أمر قبض … مع وقف التنفيذ !.

الوضع الأمني المتدهور، أصبح معيقاً لتنفيذ العدالة، والدائرة العدلية لم تكتمل

 

أمر قبض … مع وقف التنفيذ !.

الوضع الأمني المتدهور، أصبح معيقاً لتنفيذ العدالة، والدائرة العدلية لم تكتمل بعد !.  

الأبيض: قرشي عوض

بتول عبد الرحمن، إمراة تعيش في حي الوحدة مربع 12 في الأبيض… منزلها يقع في تقاطع شارعين ومطل علي طريق الأسفلت الرئيسي، الذي يربط الأحياء الغربية بوسط المدينة… استغلّت – بتول – هذا الموقع الممتاز في عمل تجاري… بدأته بأشياء بسيطة، لكنه، سرعان ما ازدهر… فبنت دُكّان لصق المنزل، ألحقته بعريشة كبيرة، تُمكن زبائنها من تناول الإفطار، والقهوة، دون إزعاج… فهي أصلاً تعيش مع أمها وإبنتها الوحيدة، لأن زوجها يعمل بتجارة “الخُردة” بالسوق الشعبي أم درمان… وقد انقطعت أخباره منذ بداية الحرب…  والحياة كانت تمضي بشكل معقول، والمعيشة يمكن تدبيرها، بالإمكانيات المتاحة.

 وفجأة هبت العاصفة، وأصبحت المنطقة غير آمنة، وأصبح لا بُدّ من الرحيل، إلى وسط المدينة، لتجنُّب سقوط القذائف، التى ينتهي مداها عند هذه الأحياء التي هجرها سُكانها، لتواجه بتول، مع أمها وإبنتها ظروفاً ماكانت في الحسبان، مثل سداد الإيجار، و”سُبل كسب العيش” بشكل مختلف.

ولأنّ “المصائب لا تأتي فُرادى”، فقد رنّ هاتفها، في نهار قائظ، وكانت المُتّصلة جارتها القديمة، والتي أخبرتها بان لصوصاً سطوا علي منزلها، وأخذوا كل ما استطاعوا حمله، ثم حرقوا المنزل، والدكان، بما فيهما، من أثاثات وبضائع … وبعد فترةٍ جاءها اتصال آخر، يخبرها بأسماء اللصوص، والشهود الذين شاهدوهم، يدخلون المنزل، ويشعلون فيه النار… وأنهم مستعدون أن يدلوا بشهاداتهم أمام الشرطة.

قامت بتول، بفتح بلاغ في “قسم” الشرطة، ودوّنت النيابة أقوالها، واستمعت لشهادة الشهود، وتم فتح بلاغ ضد أولئك الأشخاص… وصدر “أمر قبض” بإحضارهم، لكنه، لم يُنفّذ منذ عشرة أشهر ونيف. ولازال رجل المباحث يحمله في جيبه، ولا يستطيع أن يصل إلى المطلوبين المقيمين في “مربع” قريب من إرتكازات الدعم السريع.

عشرات الأُسر التي تقيم في أطراف المدينة، تدبرت حياتها بصعوبة بالغة في ظروف إقتصادية معقدة، قبل الحرب، ولكنها، فقدت كل حصاد السنين بسبب نشاط اللصوص الذين يقيمون حيث ينتهي القانون!.

قال مصدر – شدّد علي عدم  ذكر إسمه – أنّ الشرطة قد قامت بسحب “نقاطها” في مناطق إرتكازات الدعم السريع، في كُلٍّ من أُم صميمة، وكازقيل، والعيارة … وأنّ الشرطة قد حصرت كل قواتها في الرئاسة، ولذلك، فهي لا تستطيع  تنفيذ أمر قبض في مناطق وجود الدعم السريع، أو المناطق القريبة منها… ويُضيف المصدر، أنّ قوات الشرطة، انخرطت في العملية القتالية، وكل عرباتها – الآن – مُحملة بالأسلحة، وتُنفِّذ ما يعرف بـ(العمل الخاص) !. وأضاف – مصدر آخر- بأن الدائرة العدلية، لم تكتمل بعد، وأنّ المحاكم، تعمل – حالياً – بنصف طاقتها، ولذلك، أُستبعِدت القضايا الكبيرة، مثل الصكوك المرتدة، لأنّ المبالغ المطلوبة كبيرة، مما يشكل عبئاً علي السجون !.

وأرجعت مصادر أُخرى  بعض أسباب عدم تنفيذ أوامر القبض الصادرة عن النيابة، إلى أن المحاكم تعمل بـ(قانون الطواريء) الذي يُعطل العمل بالقوانين الأُخري… وقد تم إستثناء القضايا الجنائية، خاصة السرقات، لإنتشارها، فأصبحت المحاكم تنظرها، وقد انحصرت دائرة تنفيذ القانون، داخل المدينة، وبصورة أكثر دقّة، في الأحياء التي تقع تحت سيطرة الحكومة، مما جعل الأحياء الطرفية والقريبة من مناطق سيطرة الدعم السريع، أماكن مفضّلة للخارجين على القانون، إلى جانب كونها باتت مرتعا للجريمة والتفلتات الأمنية.

وأكد محامي يترافع أمام كافة المحاكم، بأن هناك خارطة مُلصقة علي باب غرفة المحامين، بجمع محاكم ولاية شمال كردفان، توضح حدود تحركات رجال الشرطة، لتوصيل طلبات الإستدعاء للمتهمين، للمثول أمام القضاء، وهي لاتتجاوز أحياء وسط المدينة، وإذا كان هناك إعلان بالحضور خارج هذه الدائرة، فان المُعلن لا يستطيع توصيله للمتهم، مما يُشير إلى أن الوضع الأمني المتدهور، أصبح معيقاً لتنفيذ العدالة… وذكر بأن هناك مُتهم في جريمة قتل، تم القبض عليه في دنقلا، مع أن البلاغ ضده مفتوح في الأبيض، ولكن تعذر توصيله… وحسب منطوق المادة 79 من قانون الإجراءات الجنائية، فإنه في حالة تنفيذ أمر القبض خارج دائرة الاختصاص، إذا تعذر توصيل المُتهم فإنه يجب علي الجهة التي نفذت أمر القبض إطلاق سراح المتهم بالضمان … وأضاف بأنه قبل 3 أشهر – من الآن – ما كان في الإمكان، تتفيذ أمر القبض، حتى في جرائم القتل، لعدم القُدرة علي الوصول إلى الجاني… لكن الآن يمكن القبض علي المتهم وإدخاله السجن، والتحفظ عليه مع عدم المحاكمة، لأن تنفيذ المحاكمة في ظل هذه الاوضاع يحتاج إلي حماية للقاضي نفسه… وذكر المحامي بأن مصدر قانوني مخول قال لمجموعة من المحامين، أنه لا يوجد قضاة – الآن – يفصلون في جرائم القتل، فقد سافروا كلهم لدواعي أمنية. وذكر المحامي بأنه يوجد – الآن –  أفراد داخل السجن، بتهمة التعاون مع الدعم السريع، لم يتم التحري معهم، أو توجيه تهمة لهم… وذكرت المصادر أنّ النظر فى القضايا المدنية متوقف، وبخاصة، فى القضايا المتعلقة بإيجارات المنازل، ولكن، المحاكم تنظر قضايا إيجارات الأسواق، مما يُخلف غبن إجتماعي بسبب تعطيل العدالة، للدواعي المذكورة، على حد قول المصادر القانونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى