العائدون: داهمت بعضهم قوةٌ من قوات الدعم السريع، وأوسعتهم ضرباً
سائق شاحنة: بعد إطلاق سراحي، من قوات الدعم السريع، ودخولي المدينة، وقعت في يد استخبارات الجيش
الأبيض: قرشي عوض
أوقفت إحدى إرتكازات الدعم السريع، عربة أُجرة “تاكسي” خارجةً من مدينة بارا، متجهة إلى مدينة الأبيض، وأنزلت منها أحد ركابها، وطالبته بإبراز هويته… وحين نظر الجندي في وثيقة الرقم الوطني، عرف أن الرجل يعمل موظفاً، فظنّ أنه موظفاً في الحكومة، وإعتبره من (الفلول) على حد تعبيره… لكن، الرجل أخبره بأنه يعمل في شركة تأمينات خاصة… وذكر له إسمها، ومقر رئاستها في الخرطوم، ولحسن حظ الرجل، تعرّف عليها الجندي، بسهولة، لأنّه كان يعمل في الموقع المذكور، ضمن القوة التي كانت تقوم بتأمين وسط الخرطوم … وقد لعبت هذه الصدفة النادرة، دوراً في أن لايطول حبسه، وربما التمتع بمعاملة معقولة، ولكنّه، في المعتقل – حسب روايته لاحقا – كان قد شاهد إنتهاكات عديدة، وأضاف إنّ ظروف حبسه ورفقاء المعتقل، لم تكن جيدة، وكذلك الطعام ردئ.
ويقول سائق شاحنة، أنه تمّ إعتقاله، خارج المدينة، هو، وآخرين، حينما داهمتهم قوةٌ من قوات الدعم السريع، وأوسعتهم ضرباً، وكان هو أكثر من ضُرب، ولأسبابٍ لم يعرفها حتى الآن، ولكن، ربّما لأن “مساعده” إعترف تحت التعذيب، بأن هناك قطعة سلاح (كلاشينكوف) في العربة… ورغم أن السائق برر وجودها، وبأنها للحماية من قُطّاع الطرق، إلّا أن ذلك، لم يشفع له… وقد طلبوا منه أن يعترف، بأنه جندي، وان العربة بحمولتها، تتبع للجيش… لكن، رجلاً كبيراً في السن، وفي الفترة بين نوبات التعذيب، نصحه، بأن لايفعل ذلك، لأن الهدف من ذلك، هو أن تهرُب بجلدك، ثم يقومون – هُم- بإرسال العربة، إلى شرق النيل، حيث يتم بيع البضاعة، ويتم إقتسام ثمنها بين الجنود… وطلب منه أن ينتظر حتى يأتي ضابط كبير، وبالفعل، هذا ماحدث، وتم إطلاق سراحه.
ويقول تاجر يعمل في الأسواق المتنقلة، أن إعتقاله كان بسبب عمله السابق، قبل أكثر من ستّة أعوام، في قوات الشرطة، رغم أنه – الآن – يتنقّل بين القرى، التي تقام فيها الأسواق، مرّةً في الأسبوع، لتدبير قوت أسرته.
ويقول تاجر (تمر) أن قوات الدعم السريع، أوقفوهم عند مدخل مدينة الأبيض، وأخذوهم، هم، وشاحنتهم المحملة بالبضائع، إلى منطقة تُدعى (أم صميمة)، على بعد 20 كيلومتراً … وهناك أمروهم بإنزال الشحنة، من على ظهر الشاحنة، تحت الضرب بالسياط… ثم طلبوا من السائق، أن يُعطيهم رقم هاتف صاحب الشاحنة، الذي ساوموه على مبلغ من المال، مقابل تحريرها… ويُضيف التاجر، بأنه غافلهم، واتفق مع صاحب “تُكتك” لتهريبه، إلى داخل مدينة الأبيض، بمبلغٍ من المال، يستلمه بعد وصولهم، لأنه – الآن – لا يملك مالاً، بعد تجريده من كل ما معه من نُقود، وحتّى ساعة اليد “الجوفيال”.
ويضيف تاجر آخر، بأنه بعد إطلاق سراحه، من قوات الدعم السريع، ودخوله المدينة، وقع في يد (استخبارات الجيش) التي تشكّكت في هُويته ، فإنفعل، وصفع الجندي بيده، الذي وجّه له، إساءةً بالغة، إلّا أن جندياً آخر، أكبر سناً، تدخّل وأطلق سراحه.
لكن معظم العائدين من سجون الدعم السريع، يتفقون بأن الوساطات التي تقوم بها الإدارة الأهلية، هي التي تفلح، دون غيرها، في إطلاق سراح المحتجزين، وغالباً، ما تكُون سبباً في أن لايبقوا مدّة أطول، في الإعتقال، وأن لا يتلقوا معاملةً سيئة.
ويقول سائق الشاحنة، الذي تلقى ضرباً مبرحاً بالسياط، أنه يستعد للعودة، عبر نفس الطريق، وأن هناك أصحاب شاحنات غيره، قد مرُّوا بذات التجربة، ولكنهم عادوا مرة أخرى، لأنّ إنقطاع الطرق، وغياب شركات النقل الكبرى، قد إجتذب صغار التجار، وأصحاب الشاحنات الخاصة، لإرتياد المغامرة التي أصبحت مدخلا للثراء السريع، كما إجتذبت العملية، وسطاء (سماسرة) تربطهم علاقات، بقيادات فى الدعم السريع، خاصة في الإدارة الأهلية، التي رعت إتفاقات كثيرة، في هذا الصدد…ويضيف سائق الشاحنة، بأنه – الآن – ينتظرعربته، حتى يتم شحنها، وفي ظرف يومٍ، أو يومين، سيكون في ذات المكان، الذي تم إيقافه، وحبسه فيه، وسيخرج منه بنفس الطريقة السابقة.