تقاريرتقاريرسلايدرصحافة حقوق الانسانعالمية

وقائع محاكمة (علي كوشيب) بالمحكمة الجنائية الدولية

(كوشيب) يُنكر هوّيته أمام (الجنائية)، وشهود يؤكّدون جرائمه بدارفور

 

وقائع  محاكمة (علي كوشيب) بالمحكمة الجنائية الدولية

(كوشيب) يُنكر هوّيته أمام (الجنائية)، وشهود يؤكّدون جرائمه بدارفور

 

كتبت: عواطف إسحاق / (خاص وحصري: سودانس ريبورترس)

أكثر من عشرين عاما أمضاها ضحايا الحرب التي اندلعت بدارفور، خلال العام 2003، في انتظار تحقيق العدالة، عبر المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت أوامر قبض، بحق متهمين، بينهم الرئيس السابق عمر البشير، وقادة في حكومته على رأسهم عبد الرحيم محمد حسين، وأحمد هارون، وعلي “كوشيب”، وآخرين.

المحكمة الجنائية الدولية، ومن مقرها في مدينة لاهاي الهولندية، استمعت خلال الفترة من بين 11 إلى 13 ديسمبر الجاري، إلى المرافعات النهائية، في قضية المدعي العام للمحكمة، ضد علي محمد علي عبد الرحمن “علي كوشيب”، المتهم بارتكاب 31 تهمة بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، اُرتكِبت في دارفور، السودان، في الفترة بين أغسطس 2003 وأبريل 2004.

يقول مدعي المحكمة الدولية كريم خان، في افتتاحية الجلسات: “هذه لحظة تاريخية مهمة للضحايا، وللحاضرين من المجتمع المدني، داخل قاعة المحكمة، وأن الجميع يتوق للعدالة، والعودة إلى منازلهم، وأنّ مثل هذه الأحداث، لا يمكن محوها”.

وتابع خان: “الادعاء أثبت كل التُهم التي ارتكبها علي عبدالرحمن، الملقب بـ(علي كوشيب)، وأن حكومة السودان، سلّحت “الجنجويد”، لمقاومة “التمرد”، ولكن كان هناك ضحايا، لم يكونوا من “التمرد”، بل، كانوا مدنيين”.

ويشير مدعي الجنائية، إلى أنّ واحداً وثمانين شاهداً، قدّموا رواياتهم، في القتل، والاغتصاب، والتهجير، من قُراهم”. وتابع:”من المعلوم أن المعاناة كانت كبيرة في ٣٠٠٣ – ٢٠٠٤، حين كان النزوح من القرى، إلى المعسكرات، ومنهم من فرّ إلى معسكر (كلمة)، وآخرين، إلى أدري في تشاد، وقد تعرّض مئات رجال الفور، إلى التعذيب، والقتل، في مكجر، ودليج، وكدوم، بوادي صالح”.

شهادات الشهود

“قام المتهم علي عبدالرحمن بارتكاب جرائم شنيعة، وكان يقوم بنفسه بتنفيذها، وبدون تردد، واتخذ الاغتصاب، أمام أُسر الضحية، كنوع من الإهانة” يقول الشاهد (p11) أمام المحكمة… ويتابع: “هنالك أطفال اُغْتُصِبُوا أمام أسرهم، ونساء – أيضا – بعضهن انتحرن، والأُخريات أُصبن بالجنون، بعد اغتصابهن، لأنّ المجتمع، كان ينظر إليهن بنظرة عارٍ”.

فيما يقول (p921) وهو شاهد آخر أمام المحكمة: “لم أستطع إكمال دراستي، والجلوس مع زملائي في الفصل، بسبب وصمة العار، من الاغتصاب، وبعض المغتصبين لم يحصلوا على العلاج، وأنّ الظروف التي يعاني منها الشهود قاسية”.

وأكد شاهد آخر، أنّ المُتّهم، نقل المعتقلين، من مركز الشرطة في قارسيلا، في العام ٢٠٠٤، وقتلهم، وكان في بعض الأحيان يستخدم “الفأس” في ضرب، وقتل، الرجال المعتقلين، تحت إشراف عبد تور شين، ومصطفي الطيب، مسؤول الشرطة، ودُفِنُوا من قبل الحكومة.

وتابع: “الجنجويد استخدموا السكاكين، لقطع آذان المعتقلين، وكانت هناك جرائم الاضطهاد التي ارتكبت على أساس قبلي، لأن ضحاياها، تمت انتهاكات ضدهم، بسبب انتمائهم إلى قبيلة الفور، وليس لأنّهم ينتمون إلى التمرد”.

إنكار ومغالطات

وأنكر  كوشيب أمام المحكمة هويته، وكل الاتهامات الموجّهة إليه، بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور، بما فيها جرائم اغتصاب، وقتل، وتعذيب. وشدّد “علي كوشيب” على إنكار أن يكون علي كوشيب الحقيقي، مشيراً إلى أنّه إدّعى ذلك، أمام المحكمة الجنائية الدولية، لأنّه كان “يائساً” وقلقاً من أن يتم اعتقاله، من قِبل السلطات السودانية وقتها.

وقال المتّهم مخاطباً هيئة المحكمة: “لقد انتظرت طوال شهرين مختبئاً.. كنت خائفاً أن يتمّ اعتقالي” من قبل السلطات السودانية، التي تولّت الحكم، بعد سقوط البشير”. مضيفًا: “لو لم أقل ذلك، لما استقبلتني المحكمة، ولكنت ميّتاً الآن.

ويقول الدفاع أمام المحكمة، أن “علي عبد الرحمن”، ليس هو (علي كوشيب)، وأنّ المُتّهم، لم يقم بإصدار الأوامر لأيّ شخص، بارتكاب الجرائم، من قتل، واغتصاب. ويُضيف محامي الدفاع: أنّ “الشهود الذين تحصل عليهم، الادّعاء، يُعانون الصدمة، وشهاداتهم غير دقيقة، وخاصة، في سردهم، لأحداث مكجر، ودلي”..

 ويُزيد محامي الدفاع، أنّ الجيلي، مدير الشرطة، والحكومة، هُم من لهم السلطة، في إطلاق الأمر، وأنّ علي كوشيب، لم تكن له السلطة المحلية.. ويختم أنّ مُوكّله ليس مذنباً، كما يزعم الادعاء، وأنّ مكتب الادعاء، لم يستدع، أي شاهد من “الجنجويد”، كما اختلف الشهود، في قبيلة علي كوشيب.

وورد في جلسة المحكمة أنّ كل هذه الجرائم، كانت حكومة السودان، علي علماً بها، ومع ذلك، كانت تُرسل له مزيداً من الأوامر، والأسلحة… وقد أكّدت الأدلة التي حصل عليها الشاهد، من وزارة الدفاع، في سجلات وزارة الدفاع، أن علي كوشيب، يحتل المرتبة الخامسة، في التسليح، واستلام السلاح، ويتفوّق عليه موسى هلال، حيث كان في المرتبة الأولى في القائمة.

نزاهة المحاكمة

هيئة الدفاع  عن كوشيب، تقول إن “المحاكمة غير عادلة، لأنّهم لم يحصلوا علي تأشيرات لدخول السودان”. قبل أن يرد الادعاء بعدم صحة ذلك، ويؤكد “أنّه ساعد الدفاع، في السفر إلى لقاء الشهود في دولةٍ أخرى، وأنّ الدفاع، قابل علي كوشيب، في الخرطوم ٢٠٠٦، والادعاء لم يقابل علي كوشيب، والمحاكمة كانت نزيهة، ولكن، سنسمع المزيد من المزاعم من قبل الدفاع”.

وفي مقابلة خاصة مع (سودانس ريبورترس)، يدعو الناطق الرسمي للمحكمة الجنائية، فادي العبدالله، السلطات السودانية، لإثبات إجراءات جديّة، وتعاوُن مع المحكمة لتحقيق العدالة.  

 وأشار فادي، إلى أن المحاكمة، تفتح الباب للمزيد من المحاكمات، ولتوضيح الحقيقة، ونبذ العنف والثأر والانتقام. ونوّه بأن تأخير القضايا، يعتمد على عوامل خارج يد المحكمة، ولا يمكن إجراء “محاكمات غيابية”. وأوضح، أنّ المحكمة تطلب من الدول التعاون، والسودان كان يرفض التعاون، مما أدّى إلى إطالة أمد القضية. وأضاف:” المحكمة ليست مسؤولة عن التأخير، بل حكومة السودان، التي كانت تنتهك قرارات مجلس الأمن الدولي”.

ويشير الناطق الرسمي للمحكمة الجنائية إلى أسباب أخرى أدت إلى تأخير المحاكمة من بينها: أنّ “المحاكمة كبيرة، ولم نكن ننظر في قتل شخص واحد، ولكننا ننظر إلى تهم كثيرة، والقضايا مُعقّدة، وأيضاً، لا بُدّ من حماية الشهود، وتأمينهم، وهناك بعض الإجرات “اللوجستية”، وفي بعض الأحيان، قد يتحدّث الشاهد لغة غير موجودة في المحكمة، ويحتاج إلى الترجمة، وأنّ إجراءات القبض، تأخذ وقتاً، وهنالك، إمكانية للاستئناف.، بعد صدور الحُكم.

وختم فادي حديثه مع (سودانس ريبورترس) بتوجه رسالة إلى المجني عليهم، بقوله: “هذه الجرائم، لا تسقط بالتقادم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى