الجزيرة : من “أرض المحنّة”… إلى “حُقول الموت” !.
الأزمة الإنسانية في السودان، أسوأ من الأزمات، في أوكرانيا، وغزة، والصومال
تقرير: أسعد أدهم الكامل
منذ ديمسبر 2023م، وحتي اليوم، ظلت ولاية الجزيرة، تُعاني من إنتهاكات فظيعة، تاريخ دخول قوات الدعم السريع الى الجزيرة، لكن “أرض المحنة” التي تحتضن شيخ المشاريع الزراعية، تحوّلت (حواشاتها) من الإنتاج الوفير، إلى “حقول الموت”، في كُلٍّ من ود النورة، والولي، والحصاحيصا، وأزرق، والسريحة، وأبوعشر، وأم دقرسي، والهلالية، والبشاقرة شرق، والتكينة، ورفاعة، واللعوتة الحجاج، وقوز الناقة، وأبوقوتة،والمحيريبا، وسليم، وأبوشنيب، وقري الحلاويين، والفوار، وودعشيب، والعيدج، وبانت، ورفاعة، وقراها، وقري ريفي وداروة، حتي أم ضواً بان، في الحدود، مع ولاية الخرطوم، وود أبو صالح، ومدني، والحوش، وقراها، وجنوب الجزيرة، حيث جاءت قوات الدعم السريع، حاملة “رصاص الموت” علي القري الآمنة، وبات عناصر قوات الدعم السريع، يمزِّقون الصمت، بأصوات الرصاص، وأزيز المدافع، وسط صراخ الضحايا، لا يُفرِّق رصاصهم، بين صغيرٍ، أو كبير، رجل أو امرأة، أوطفل غرير، حينها سالت دماء الأبرياء، علي “أرض المحنة”، كأنهار من الحزن، تروي عطش الجزيرة، من دموع المظلومين، حتى تحولت طُرقات قرى، ومدن، شيخ المشاريع الزراعية، إلى مسرح للدماء، والموت، والقبور الجماعية.
هجمات إنتقامية:
وأشتدت الهجمات علي الجزيرة التي نفذتها قوات الدعم السريع، عقب إنضمام (كيكل) إلى القوات المسلحة، في أكتوبر 2024م، حيث كانت أكثر عنفاً، وشهدت إنتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان، شملت والإعتقال والإغتصاب، والقتل، والنزوح القسري للقري، والمدن، لكن، شرق الجزيرة، كانت أكثر القري، والمدن، التي شهدت إنتهاكات فظيعة، حيث هُجِّرت قرى بكاملها، ونُهبت ممتلكات أهلها، كما شهدت منطقة السريحة، والتكينة، واللعوتة الحجاج، وأزرق، بمحلية الكاملين، هجمات عنيفة، سقط خلالها مئات الضحايا، فضلاً عن إعتقال المدنيين، وحبسهم لفترات طويلة… وبحسب، لجان مقاومة الحصاحيصان فإنّ قوات الدعم السريع، هاجمت قرى منطقة المحيريبا، التي تقع بمحلية الحصاحيصا، مما أدّى إلى سقوط (12) من المدنيين، ونفذت قوات الدعم السريع تدوين مدفعي، وحاصرت كل من قرية (سليم، الفوار، أب كرنه،عجان،أبارا، أم كوراك أم وزين، والحداحيد)… وفي مناطق جنوب الجزيرة، وقراها، إستهدفت قوات الدعم السريع إنسان الجزيرة، فمارست القتل ،وارتكبت المجازر ومارست التهجير، وشنّت حرباً إقتصادية، علي المزارعين، وتمّ نهب محاصيلهم الزراعية، وفرضت رسوماً باهظة علي المزارعيين، الذين لم يستطع غالبيتهم، من زراعة أرضه بالجزيرة، التي بات إنسانها يصحو، وينام، علي أصوات الرصاص، وهجوم عناصر من قوات الدعم السريع، بالسيارات والمواتر.
نزوح واِهانات مريرة:
تعاظمت معاناة النازحين الفارين من جحيم الحرب بالجزيرة، مع إستمرار إنقطاع التيار الكهربائي والانترنت، وفقدان كسب العيش والنزوح والتشريد، من المنازل التي نهبت، والزراعة التي تناقصت مساحتها مع نذر المجاعة ،ونهب أصول مكاتب و مشروع الجزيرة والمناقل، وتهديد المشاريع الأخرى بالسودان.. وبحسب روايات مواطنين بالجزيرة في حديثهم، مع (سودانس ريبورترس) قالوا: “إنهم نزحوا إلى ولاية نهر النيل، في رحلة طويلة، ومعهم كِبار السن، والأطفال، والنساء، مشياً على الأقدام، والسعيد منهم، من يجد له عربة (كارو) أو سيارة (دفّار) أو (بوكسي)، أو شاحنة نقل كبيرة، وأشاروا إلى أنّهم في هذه الرحلة الطويلة، كانوا يتعرضون في (ارتكازات) قوات الدعم السريع، إلى تفتيش دقيق، وإهانات بالغة ومريرة، لا ترحم كبيرهم، أو صغيرهم.
تفشي الأمراض:
وفي حديثي مع عامل فى الحقل الصحّي، نزح مع أسرته إلى مدينة شندي، بولاية نهر النيل، فضّل حجب أسمه، أكد لـ(سودانس ريبورترس) إرتفاع حالات الإصابة بالكوليرا بين الفارين من شرق الجزيرة، في ظل نقص حاد للمعينات الطبية، والعلاج وتفشي مرض الكوليرا ، مشيراً الي وصول أعداد كبيرة من النازحين القادمين من شرق الجزيرة… وبحسب ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في السودان، كريستين هامبروك، هناك فجوات حرجة في الغذاء والمأوى والمواد غير الغذائية، والمياه والصرف الصحي والصحة وخدمات الحماية، بما في ذلك العنف القائم على النوع الإجتماعي، والصحة النفسية، وأشارت إلي أنها شهدت خلال زيارتها لولاية نهر النيل شهدت نزوحاً واسـع النطاق، من ولايـة الجزيرة.
شهادات دولية: أكبر عدد للنازحين فى العالم
وكان (المجلس النرويجي للاجئين) قد أعلن مؤخراً، أن الأزمة الإنسانية في السودان، أسوأ من الأزمات في أوكرانيا، وغزة، والصومال، وأن حياة أربعة وعشرين مليون شخص، باتت في خطر شديد، فحتى نهاية شهر أكتوبر 2024م، تقول (لجنة الإنقاذ الدولية) أن عدد القتلى جرّاء الحرب الدائرة منذ أبريل عام 2023، وصل إلى 150 ألف شخص، لكن، عدد القتلى، ليس وحده ما يُقلق (اللجنة) التي أشارت في أحدث تقاريرها، إلى أن عدد النازحين داخلياً، وصل إلى 10 ملايين شخص، وهو أكبر عدد للنازحين في العالم، في حين بلغ عدد اللاجئين إلى دول الجوار، أكثر من مليونين شخص، ويضيف التقرير، “إنّ 25 مليون شخص، من سكان البلاد، البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة، في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية، والحماية، في حين يواجه 18 مليون شخص، انعدام الأمن الغذائي الحاد”.
*الصورة المصاحبة للمقال – سودانين يهربون من الجزيرة لولاية القضارف (أ.ف.ب)