دور الفنون في ظل الحرب: على الفنانين أن يُوسّعوا المخيلة، ويُربوا الأمل ضد اليأس، والجمال ضد القُبح، والحياة ضد الموت !.
الفن فِعلٌ مقاوم، يُسهِم في نشرالوعي، وتشكيل الهوية الوطنية، كما يُسهم في تحقيق التلاحم الشعبي، حول فكرة الوطن
دور الفنون في ظل الحرب: على الفنانين أن يُوسّعوا المخيلة، ويُربوا الأمل ضد اليأس، والجمال ضد القُبح، والحياة ضد الموت !.
الفن فِعلٌ مقاوم، يُسهِم في نشرالوعي، وتشكيل الهوية الوطنية، كما يُسهم في تحقيق التلاحم الشعبي، حول فكرة الوطن
كتب: محمد نيوتن /// خاص: لـ(سودانس ريبورترس)
يعتبر الفن بمختلف أشكاله ووسائله مقياساً وراصداً مهماً، فالفن هو ضرب من ضروب التعبير والممارسة، من جانب الكائن البشري، ويقول أفلاطون: “الفن من أعلى أشكال التعبيرالبشري، ويجب استخدامه ليعلمنا الحياة”، فهو بوتقة الإبداع، ومرآة الشعوب، بأفكارها، وثقافتها، وقيمها الحاكمة ،وأيضاً تاريخها. فالفنون تُعد الأهم تأثيراً في تشكيل الوعي الجمعي، للمجتمع، واستعملته السلطات، على مر العصور، لتمرير رسائلها، وأيديولوجياتها، إلى المجتمعات التي تحكمها، في بدايات القرن التاسع عشر، على يد الفنان الإسباني فرانسيس غويا، والذي سنّ سنّة شجب الحروب، وإدانتها عبر الفن، وجعله شاهداً على رعبها، وويلاتها، في أعماله.
فالفن بكل أشكاله، من أهم الأدوات في الحروب، فنراه يوثّق آثار الحرب، ويُعطي صوتاً، لمن عانوا ويلاتها، لأن للحرب كلمتها، إن رفضنا، إن هُزمنا، وإن انتصرنا. وهو فعلٌ مقاوم، لا يقل أهمية عن سواه، حيث أنه يُسهم في نشرالوعي، وتشكيل الهوية الوطنية، كما يُسهم في تحقيق التلاحم الشعبي حول فكرة الوطن، وله دور مؤثِّر في شحذ الهمم. وهو من “القوى الناعمة” التي يجب توظيفها، واستخدامها بشكل سليم، كإثارة الحماسة الوطنية، وخير مثال على ذلك، الأغاني الوطنية، التي تؤدّي دوراً مهماً في تعزيز روح الهوية الوطنية، ودوراً تفاعُليّاً في غرس المسؤولية الوطنية، في نفوس الصغار والكبار. كما أنّها فُرصة للتعبير عن قيم الحب، والولاء، والانتماء، وله دور في تعبئة الجماهير، ورفع وتيرة حماسها، واندفاعها للعطاء والعمل، بالمبادرات الفردية والجماعية.
وعلى صعيد التضامن، فإن الفن، بحسب مفهوم علم الجمال، في كتاب “الجماليات” لألكسندر بومغارتن، “هو أن أرى العالم، على نحو ما أنا عليه، لا على النحو الذي عليه العالم”، والفنان هو من يمنحنا عُيوناً نرى بها العالم… فاليوم، نحن نحتاجه، أكثر من أي وقت مضى، إلى هذا السلاح الفعال سلاح الفن، ونحتاج أكثر وأكثر، إلى تشكيل جبهة ثقافية شاملة، تضم الطاقات الفنية، والفكرية، والعلمية، والإعلامية، على مستوى محور المقاومة، وتركيز كل جهودها، لإيقاف الحرب، والعودة إلى مسار الديمقراطية.
ويظل دور الفنانين، أن يظلُّوا – دوماً – يُوسّعوا المخيلة، ويُربوا الأمل ضد اليأس، والجمال ضد القُبح، والحياة ضد الموت، وأن يُشجِّعوا على حب الأرض وحب البلاد… ومع كلّ قذيفة هاون، أو صاروخ مُوجَّه، إلى أحياء المدنيين، ومدارس الأطفال، كانت أسرار العنف والعدالة كقوتين متعاكستين، تحتاجان لوعي الفنَّان، كي يحولهما، إلى قوةٍ، تساعد في تفكيك الواقع، وولوج المُخاطرة الجماليّة، التي تعبِّر عن مدى التفاعُل مع الأحداث، وإدراك مخاطرعدم الاكتراث. فحين تنعدمُ الأخلاق جرَّاء العنفِ، فإننا نحتاج إلى المزيدِ منها، وعندما نواجه الافتقار إلى الوعي، لدى بعض شرائح المُجتمع، فإنّنا نحتاجُ إلى المزيدِ من الوعي… إنّه ما نحتاجه، في الخطابِ الثقافي، والذي يحُث الفنَّانين، لإيلاء موضوعات الحربِ، أهمِّيةً أكبر في أعمالهم، والتعبير بمختلف الأشكالِ الثقافيّة، لاسترجاع الواقع المُعاش، من آثار العُنفِ الذي لا يرتبط بالحربِ فقط، بل يرتبط أيضاً بقضايا أُخرى، كالإرهابِ الفكري، والعنصرية، والتشريد، والتهجير، والفقر، وتخلّي المُثقَّفين، عن قضايا أوطانهم، وهويّاتهم، وانتمائهم.
إن الالتزام الثقافي الذي يُمكننا العمل به اليوم، هو إعادة اكتشاف التكلفة البشرية الكاملة لمعاركنا الدائمة، حتى لو كانت انعكاساتها في الفن مجزأة، ومن هذه الأجزاء قد نُكوّن نظرة عن عواقب الحرب ومخاطرها.
*الصورة من موقع (القمع السياسي فى لمحة)