
فى اليوم العالمي للمرأة: سلاماً يا نساء الأرض الأرض قاطبةً فى كلِّ مكان
المرأة السودانية صامدة وقوية، ومبادرة، ويظهر معدنها النفيس عند الشدائد
كتب محمد نيوتن /// خاص لـ(سودانس ريبورترس)
في الثامن من مارس من كل عام تتزين الشعوب كلها احتفاء بجميع نساء الأرض، فيُحتفل بهذه المناسبة تقديراً لدور المرأة المؤثر في كل المجتمعات، وتذكيراً بحقوقها في المساواة بينها وبين الرجل، وجاء والاحتفال بهذه المناسبة العظيمةعلى خلفية عقد أوّل مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي الذي عُقد في باريس 1945، بعض الباحثين يرجحون أن الخليفة التاريخية للاحتفال تعود إلى إضرابات النساء في الولايات المتحدة في 1856، حيث خرجت آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك اعتراضا على الظروف غير الإنسانية في العمل، وفي 8 مارس 1908، تكرر المشهد نفسه، وتظاهرت الآلاف من عاملات النسيج في شوارع نيويورك حاملات قطعا من الخبز وباقات ورد، وشكلت بداية حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة، وبدأ الاحتفال بالثامن من مارس من كل عام كيوم للمرأة الأميركية تخليداً لمظاهرات نيويورك 1908، وفي 1977 اختارت أغلب دول العالم يوم 8 مارس ليكون موعداً للاحتفال بالمرأة، ليتحول إلى يوم المرأة العالمي، وفي بعض الدول مثل الصين وروسيا وكوبا، تحصل النساء على إجازة في هذا اليوم، وفي كل عامٍ كانت بلادنا تحتفي بالمرأة ونضالاتها وإنجازاتها من أجل زيادة التماسك الاجتماعي، ولرفع مستوى الوعي والثقافة،
وتحقيق التنمية المستدامة، وترسيخ المساواة المبنية على النوع الاجتماعي، فالمرأة كانت وستظل -النصف الحي المشعّ بالحب والعطاء والرحمة في مجتمعاتنا على مدار كل الحقبات ولها أدوار رائدة، حيث تقلّدت المرأة الحُكم في الممالك النوبية القديمة، مثل أماني ريناس و أماني شاخيتو.
هذا التاريخ يلزمنا بالنظر إلى أدوار المرأة في مجتمعنا، فالثقافات والنظم السودانية القديمة لم تنظر إلى المرأة كموضوع، بل، كذات، ففي العديد من المجتمعات السودانية، خصوصا في غرب البلاد ما زالت المرأة محتفظة بعملها الإنتاجي ومهامها وعملها داخل الأسرة، حيث يعملن في مجال الرعي، والزراعة.
هكذا كانت النساء، إلى أن أتت حرب أبريل اللعينة، وسلبت الحقوق كلها، ولم تترك لهن حتى حق الحياة، ورغم الألم كله، فقد صمدن وتحمّلن أعباء ومعاناة كبيرة، فالمرأة في السودان تملك إصراراً كبيراً دائماً على المضي قُدماً، برغم سوء الوضع الذي يعد خطيراً على حياتها وصحتها ومستقبلها، فهن الآن نازحات، ويكافحن من أجل أن يعشن أطفالهم، ويوفرن لهم شيئا يقتادونه، وأخريات يفترشن أرصفة المدن مع أبنائهم، ولا يجدن ما يأويهن من حر وبرد وخطر يحيط بهن في كل لحظة، ولم يسلمن من الاعتداءات الجنسية، التى أصبحت من أسلحة حرب 15 أبريل اللعينة، ضد النساء، فهن يجدن صعوبة في حياتهن اليوميّة، حيث يعانين من عدم الرعاية الصحية، فى غياب الدولة التام عن توفير خدمات الضمان الاجتماعي، ورغم ذلك فهن يبذلن قصارى جهودهن لتحقيق الاستقرار لأفراد أسرهن، متناسيات تعبهن وجوعهن في سبيل راحة أسرهن.
في ظل هذه الحرب الكارثية، برزت أهمية دور المرأة السودانية باعتبارها عماد الأسرة، ومفتاح استقرار المجتمع، حيث تقوم العاملات منهن بتقديم المساعدة لمن نزحوا إلي مناطقهن الآمنة نسبيّاً من مدن الحرب، وفيهن من يتطوّعن بالخدمة فى التكايا فى طهي وتقديم الطعام للفارّين من ويلات الحرب… نعم، هكذا هي المرأة السودانية صامدة وقوية، ومبادرة، يظهر معدنها النفيس عند الشدائد.