اخبارتقاريرتقاريرسلايدرصحافة حقوق الانسان

مشاهد متكررة فى يوميات حرب 15 أبريل 2023 …. مُصادرة الحق فى الحياة وانتهاك الحقوق المدنية

القصف العشوائى من قبل أطراف الحرب على الأعيان المدنية، يشكل تهديداً وعقبة أمام حماية المدنيين

 

مشاهد متكررة فى يوميات حرب 15 أبريل 2023 …. مُصادرة الحق فى الحياة وانتهاك الحقوق المدنية

 القصف العشوائى من قبل أطراف الحرب على الأعيان المدنية، يشكل تهديداً وعقبة أمام  حماية المدنيين

 

مديحه عبدالله  – (خاص – سودانس ريبورترس) – 13 أبريل 2025 

منذ اندلاع حرب أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، شهد السودان ابشع اشكال الانتهاكات لحقوق الإنسان ابتداءاً من مصادرة حق الحياة على يد اطراف الحرب ومن يتحالفون معهم، سواء بالتصفية المباشرة لمواطنين ومواطنات بدعوى التعاون أو الانتماء للجهة الاخرى، أو الموت بسبب ظروف الاعتقال فى أماكن الاحتجاز، أو الحرمان من حق  تلقى المساعدات الانسانية،  وحق التنقل والعمل والسكن، بشتى المبررات غير المستندة على قانون، حيث بات أطراف الحرب هم الخصم والحكم، فى ظل غياب مؤسسات الدولة والقانون، ومن خلال إفادات من جهات دولية ومحلية، ومدافعين/ات عن حقوق الإنسان،  وقصص إخبارية، يمكن رسم المشهد التالى عن أوضاع الحقوق المدنية فى ظل الحرب.   

الحرمان من حق الحياة

ذكرت الأمم المتحدة أن عدد من فقدوا أرواحهم جرّاء الحرب فى السودان  أكثر من (20) ألف  مواطن ومواطنة، بينما أظهر تقرير جديد أصدره باحثون في بريطانيا والسودان، أن التقديرات تشير إلى مقتل أكثر من( 61) ألف شخص في ولاية الخرطوم،  خلال( 14) شهراً من الحرب  (حسب الجزيرة نت 14 نوفمبر2024 ).

ودعا مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، الخميس الثالث من أبريل الجارى ، قادة الجيش السوداني، إلى اتخاذ تدابير لوقف قتل المدنيين في الخرطوم، ومحاسبة الضالعين في الانتهاكات، وأشار إلى تقارير موثوقة تشير إلى وقوع العديد من حالات الاعدام باجراءات موجزة لمدنيين فى عدة مناطق من الخرطوم، للاشتباه فى تعاونهم مع الدعم السريع، ودعا إلى محاسبة الأفراد المرتكبين للانتهاكات على أن تشمل المساءلة الأشخاص الذين يتحملون المسؤولية القيادية، كما إتهم محامو الطوارئ الجيش بتصفية أسرى ومدنيين بالخرطوم حسب ( موقع المشهد الآن 2/أبريل 2025).   

ويقول المدافع عن حقوق الإنسان محمد موسى: طرفا الحرب تسبإبا فى إهدار حق الحياة للمدنيين منذ أول يوم للحرب، باندلاع القتال داخل المجمّعات السكنية للمدنيين، والبعيدة عن المنشات العسكرية، سواء بالقصف المُباشر أو باحتجازهم – المدنيين –  داخل مناطق سكنية بسبب القصف العشوائى دون توقف، وشهدنا حالات وفيّات كثيرة بسبب الجوع لاستمرار القتال، وعدم تمكن المدنيين من مغادرة مناطق النزاع، إضافة الى استخدام عدد منهم كدروع بشرية، فى بعض المناطق، خاصة من قبل مليشيا الدعم السريع، التى احتلت مناطق ومساكن المدنيين، ونصبت الأسلحة الثقيلة، وجعلت منها أهدافاً مباشرة للجيش السوداني، مما أدى لانتهاك صارخ لحق الحياة لعدد كبير من المواطنين، وهو من أعظم الحقوق التى نص عليها القانون السودانى، والمواثيق الدولية، مثل اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكلاتها الإضافية، وهى معاهدات دولية تتضمن أهم القواعد التى تحد من وحشية الحرب، وتحمى الأشخاص الذين لا يشاركون فى القتال (المدنيون والمُسعفون وموظفو الاغاثة) والذين صاروا عاجزين عن القتال مثل الجنود الجرحى والمرضى والمنكوبين فى البحار وأسرى الحرب، وقال : إلّا أننا نجد أطراف الحرب، يتجاهلون تلك المواثيق،  فتم قصف المستشفيات، مثل مستشفى الخرطوم، فى بداية الحرب، مما أدى إلى فرار المرضى، وقتل  بعضهم، والهجمات المتكررة، على مستشفى النو  بام درمان، والمستشفى السعودى فى الفاشر، من قبل مليشيا الدعم السريع وغيرها.

وقالت الصحفية والمدافعة عن حقوق الإنسان لمياء الجيلى،  فى منتدى منظمة المستقبل مساء السبت الخامس من أبريل الجارى (2025) حول أثر الحرب على حماية المدنيين، قالت: إنّ القصف العشوائى من قبل أطراف الحرب على الأعيان المدنية، يشكل تهديداً وعقبة أمام  حماية المدنيين، باستخدامهم كدروع بشرية،  إضافة إلى التهجير القسرى واستهداف عمال الإغاثة، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية  للمستحقين، ونهب المخازن والعربات،  وأكدت على أهمية دور الاعلام، والمنظمات المدنية، فى رفع وعى المواطنين باتفاقيات جنيف المعنية بحماية المدنيين، وأهمية الإصرار على فرض عقوبات على المنتهكين لحقوق المدنيين، و الأطراف التى تدعم اطراف الصراع، وحماية مُقدِّمى الخدمات، ودعم عمل لجان تقصى الحقائق.  

الغذاء كاداة حرب ضد المدنيين:

 استخدم طرفا الحرب الغذاء كوسيلة حرب ضد المدنيين، واتخذ ذلك  أشكالاً عدة منها: هجمات على قوافل المساعدات الإنسانية، وضرب البنية التحتية فى مناطق يسيطر عليها أحد الاطراف، وبسبب الصراع انخفضت محاصيل الحبوب بمقدار النصف تقريباً مقارنة بالعام الماضى، وارتفع سعر الحبوب ضعفين أو ثلاثة، فى المناطق المتضررة من القتال، مما حرم سكان الريف فى دارفور، من البقاء بأمان فى أراضيهم، لزراعة محاصيلهم، أو رعاية مواشيهم، حسب ما جاء فى تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصى الحقائق (11 أبريل 2024).  

وبسبب البيروقراطية التعسفية التى أعاقت المساعدات الإنسانية من قبل الإستخبارات العسكرية فى الفترة الممتدة من أغسطس إلى سبتمبر 2024،  عجز حوالى (7) ملايين شخص من الحصول على المساعدات الانسانية، كما تم حرمان المواطنين من الحصول على المساعدات الطبية فى مناطق سيطرة الدعم السريع، حسب تقرير منظمة (هيومن رايتس واتش) العالمية (2025)

إلى جانب ذلك، تتم مصادرة المحاصيل الزراعية من المواطنين، ويتم تقييد حق الحركة والتنقل،  حيث تعرض سكان من الريف الشمالى لمدينة الفاشر، لمصادرة المحاصيل الزراعية، من قِبل قوات الدعم السريع، كما تم احتجاز العشرات من أصحاب هذه المحاصيل، نساء ورجال، قبل أن يتم الإفراج عنهم لاحقاً،  وفقا لما جاء فى موقع (دارفور 24)/ (17 يناير 2025).

القضية الإنسانية كانت ضمن أهم أجندة بحثها اجتماع جنيف 14 أغسطس 2024،  بقيادة مجموعة متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح، وتحقيق السلام فى السودان، ورغم غياب حكومة السودان عن الإجتماع  حصلت المجموعة على ضمانات من كِلا طرفي الصراع، بتوفير وصول إنساني آمن، ودون عوائق من خلال شريانين رئيسيين، عبر معبر الحدود الغربي في دارفور، عند أدري، وطريق الدبة، مع إمكانية الوصول عبر الشمال، وعبر بورتسودان .

 وأوضح الخبير الدولى والمستشار فى العمل الانساني، صلاح الأمين، أن الوضع فى السودان بات مرعبا نتيجة الحرب، فى ظل بيئة غير صديقة، لمنظمات العمل الإنسانى  لتوصيل المساعدات الإنسانية للمدنيين المتضررين بشكل مباشر، من تداعيات القتال، وتواجه العملية الإنسانية عدة صعوبات تتمثل فى ضعف التمويل من المانحين الحكوميين الدوليين، وقرارات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بايقاف دعم المعونة الأمريكية، فى الوقت الذى تحتاج فيه المساعدات الانسانية إلى (6) مليار دولار، إضافة إلى البيروقراطية، والعقبات التى تعترض عمل المنظمات الدولية، من قبل حكومة بورتسودان، وقوات الدعم السريع، حيث يتعامل الطرفان، وحلفاؤهم مع المساعدات الإنسانية، كملف أمني وسياسى، وغياب التنسيق، والممرات الآمنة، لمرور المساعدات الانسانية، والموظفين الإنسانيين.

وأضاف صلاح الأمين: حسب التقارير الدولية ذات المصداقية فإنّ أكثر من (30) مليون سودانية وسوداني، فقدوا أُصولهم (بمعنى المعينات على سبل كسب العيش)، أصبحوا مُعدمين تماماً، ونجد أكثر من (12) مليون مواطن ومواطنة، قد أُرغموا على النزوح من ديارهم، دون حماية، وهناك (5) مناطق داخل السودان، فى دارفور وجبال النوبة، أصبحت فى حالة المجاعة تماما حسب قياس المنظمات الدولية، ومن المتوفع أن تلحق بها مناطق أُخرى فى مايو القادم، وقال: أن الوضع الآن فى السودان، حسب قاموس الوضع الإنسانى، يوصف بانه عملية طوارئ إنسانية مُركّبة، وهو وضع يحتاج لتنسيق، وثقة بين الأطراف، مما يفرض علينا طرح السؤال ما العمل؟… ويواصل صلاح الامين حديثه قائلاً: فى الوقت الحالي، هناك بعض المحاولات المحدودة، من بعض المنظمات الدولية، وبتنسيق ضعيف مع أطراف الصراع، لتوصيل المساعدات، وبشكل مُتقطع، مع محاولات كل طرف من أطراف الحرب، تسجبل نقاط سياسية وأمنية لصالحه، فى ظل فتح بعض المعابر بشكل محدود ومشروط، مثل معبر أدرى على الحدود السودانية التشادية.

ويقول صلاح الأمين: يجب أن تكون هناك عملية انسانية شاملة، بقيادة دولية، ومركز واحد، وبتنسيق عالي، بين كل أطراف القتال، ويشمل ذلك الجيش وحلفائه، والدعم السريع وحلفائه، إضافة إلى الجيش الشعبى لتحرير السودان – قيادة عبد العزيز الحلو، وجيش تحرير السودان – قيادة عبدالواحد محمد نور، على أن يكون أصل العملية على الأرض مع الشبكة السودانية للمدنيين، التى تراكمت خبراتها من  الإرث السودانى (تكايا وغرف طوارئ) إلخ، مع منظمات دولية، ومحلية، لضمان توصيل المساعدات من خلال ممرات آمنة يتم الاتفاق عليها، بضمانات دولية، مثل الأمم المتحدة، ومجموعة “متحالفون من أجل انقاذ الارواح وتحقيق السلام فى السودان”، والتجارب مع دول الجوار، بفتح معابر فى حدود السودان – المختلف عليها – مع  مصر، وجنوب السودان، وتشاد، إضافة إلى البحر الأحمر، والممرات الجوية والمطارات، وقال: الوضع الآن بعد استرداد الجيش لمناطق واسعة، يُسهِّل إيصال المساعدات الإنسانية، دون المرور بمناطق خطوط التماس بين الأطراف المتقاتلة.

انتهاك حق التنقل:

يقول المدافع عن حقوق الانسان، محمد موسى، فى هذا الجانب، إنّ الحد من حرية التنقل، أثّر سلباً على حياة المدنيين، سواء داخل مناطق سيطرة الدعم السريع، أو الجيش، رغم أن السودان صادق على العهدين الدوليين لحقوق الإنسان، وهما جزءا من الوثيقة الدستورية، وبالتالي أصبحا ملزمين لأطراف النزاع، ليهتديا بها، والمادة (13) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التى تنص بشكل واضح على الحق فى حرية التنقل،  واختيار مكان السكن، فى أى مكان داخل نطاق الدولة، التى يتواجد فيها  الشخص، بشكل شرعي، إلّا أن طرفي الحرب، عملا على عرقلة حركة المدنيين، وذلك، بعدم توفير ممرّات آمنة للخروج من مناطق النزاع، وبوضع قيود على حركتهم، والمطالبة بإبراز الأوراق الثبوتية، والتحرّي، والإعتقال، فأصبح المدنيون يتخوفون من الحركة فى مناطق سيطرة الجيش، حيث أصبحت الارتكازات الموجودة، أماكن لاحتجاز المدنيين، وإذلالهم، ومنعهم من الخروج، وكذلك الحال، فى مناطق سيطرة مليشيا الدعم السريع،  كما حدث فى ولايتي الخرطوم، والجزيرة، لفترة طويلة ممّا أدّى للوفاة، خاصة لطالبي الخدمة الصحية، وزاد الأمر سوءاً بصدور أوامر محلية فى بعض الولايات، بما اُطلق عليه “قانون الوجوه الغريبة”، مُضافاً إلى سريان حالة قانون الطوارئ، مما حدّ من حركة المواطنين، مما يُعد خرقاً للمادة (12) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ممّا أثّر سلباً على النسيج الاجتماعي، وعمّق خطاب الكراهية، والعنصرية،  وأثّر على عمل المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، والسياسيين، لذلك، يجب أن تكون نقاط الارتكاز تحت إشراف ومسؤولية الشرطة، باعتبارها الجهة المعنية بالتعامل مع المواطنين، وإبعاد المجموعات الأُخرى مثل “المستنفرين” أو المليشيات سواء تابعة للجيش فى مناطق سيطرته، أوفى مناطق سيطرة الدعم السريع، والالتزام بالقوانين المحلية والدولية، فيما يتعلق بحرية الحركة للمدنيين.

انتهاك حق العمل

واصل المدافع عن حقوق الإنسان محمد موسى حديثه عن الانتهاكات، فقال: من المعروف أنّ الحرب أدّت لتوقف نشاط القطاع الخاص بنسبة 80%، وفى مناطق صناعية فى الخرطوم، وودمدني، توقف النشاط الصناعى بنسبة أكثر من 70%، حسب إحصائية جهات مختصة، فى مجال العمل، وأصبح عدد كبير من المواطنين، بلاعمل، فى القطاع الخاص، أو العام، وطالب الدعم السريع بالكف عن تدمير البنية التحتية فى المواقع الصناعية والإنتاجية، كما أشار إلى عجز “حكومة الأمر الواقع”  فى بورتسودان، عن تلبية التزاماتها بتوفير مرتبات العاملين، بموجب الفصل الأول من الميزانية، إضافة إلى ما قامت به من فصل تعسُّفى لعدد كبير من العاملين، والموظفين، بسبب مواقفهم السياسية،  وحرمان مواطنين من العمل، لأسباب “مناطقية”، أو عرقية، أو بسبب ما أُطلق عليه “قانون الوجوه الغريبة”، مما أدّى لتفشي العطالة، وبالطبع، فإنّ أىّ قانون صدر بعد إنقلاب أكتوبر 2021، يُعتبر غير دستورى، باعتبار أنّ “الوثيقة الدستورية”، نصّت على أنّ إجازة القوانين، تتم من المجلس التشريعي، وبلائحة تكوينه من المجلسين، مجلس السيادة، ومجلس الوزراء، وبعد الإنقلاب، تعطّل مجلس الوزراء، وتم إبعاد بعض أعضاء المجلس السيادى، وقد تمّ احتكار السلطة الانقلابية  لمقاليد الحُكم، علماً بأنّ أىّ قانون  صدر بعد الإنقلاب يعتبر غير دستورى، وفى الاحوال الطبيعية، يتوجّب أن تكون الاوامر المحلية مُتّسقة مع الوثيقة الدستورية.

 

الصورة المرافقة من موقع الأمم المتحدة – © Nezar Bogdawi

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى