حُمّى الدمج الرئاسى : من الصُحف إلى الأحزاب !.
حُمّى الدمج الرئاسى : من الصُحف إلى الأحزاب !.
فى أكثر من مُناسبة، أعلن الرئيس عن رغبته فى ” دمج ” الصُحف، وجاء ذلك، بصورة قطعية فى حواره مع صحيفة ( الشرق الأوسط )،” بتاريخ 28 أكتوبر 2016 – رقم العدد 13849″، إذ لخّص الرئيس البشير فكرته بالقول الصريح : ” مشكلة بعض الصحافة فى السودان الترهل الكبير فى عدد الصُحف اليومية، مع إنه يمكن فقط (ثلاث ) منها يمكن أن تغطى فى ظل الإعلام الجديد، وهناك حاجة ماسة لتجويد العمل الصحافى، والإعتماد على الإعلان الحكومى أيضاً يمثل مشكلة فى ظل تدنّى نسبة التوزيع، ولذلك، أصدرنا قانوناً بأن تتحول هذه الصُحف فى شركات ضخمة مُدمجة لتكون صاحبة امكانات ضخمة تتحمّل المشكلات المتعلقة بزيادة ارتفاع مدخلات انتاجها.”
التصريح كان بمثابة القرار الرئاسى، واجب التنفيذ، وشكّل ضربة البداية، فى تنزيل مُخطّط ( تقليص) الصُحف، لأرض الواقع، تحت مُسمّى (( الدمج))، فدخل على الخط، مساعد الرئيس، اللواء عبدالرحمن الصادق المهدى، مُتماهياً مع الرغبة الرئاسية، مُخاطباً، ورشة تنظمها الهيئة القومية للبرلمانيين الشباب، يوم الإثنين 7 نوفمبر، بالقول الفطن : ” بدلاً من وجود 44 صحيفة مسجّلة تكون هناك 4 صُحف، تعكس ألوان الطيف وتقود الرأى لمصلحة الوطن ” ولم ينس السيد عبدالرحمن، تمديد فكرة (( الدمج)) لتشمل (( الأحزاب ))، مفضّلاً أن يدعم الفكرة بصيغة التساؤل فى هذه المرحلة، فقال :” ماذا لو انضمت وتحالفت فى كيان واحد أحزاب اليمين واليسار والوسط والليبراليين، نكتفى بـ(أربعة) أحزاب تشمل كل الأفكار المطروحة، فى الساحة السياسية، وتعمل على السعى للسلطة بوسائل مدنية مشروعة”
ثُمّ توالت حُمّى التصريحات الصحفية، ليجد رئيس اتحاد الصحفيين نفسه فى مرمى النيران الرئاسية الصديقة، فظهر مرتبكاً بعض الشىء، رُغم أنّه ظلّ ” متوالياً ” مع (( الفكرة الرئاسية ))، و” مؤيّداً” و” داعما ” و” مُدافعاً” استراتيجياً، عن الفكرة، ولكنه، آثر فى هذه المرحلة – لأغراض التكتيك – أن يبدو ” مُتحفّظاً ” – بعض الشىء- على ما سينتج من تطبيق الفكرة من ” تشريد” و” تقليص” للصحفيين، فطالب أن يكون ( الدمج)،” طوعياً ” و” اختيارياً” وأن يُراعى فيه أوضاع الصحفيين، وهذا من سابع المُستحيلات، إذا ما نُفّذ القرار الرئاسى؟!.
بهذا، تدخل البلاد، مرحلة (الدمج الرئاسى)، لتشمل بيوت (الصحافة)، على أن تليها تقليص مضارب (الأحزاب)، وستكتمل حلقات الدولة الشمولية،فأين المفر يا هؤلاء ؟!. الواقع يؤكّد أنّه لقفل الباب أمام تمدُّد الدولة الشمولية، ليس هناك سبيل سوى المقاومة الجسورة، وهو المخرج الوحيد للوطن وعافيته وسلامة شعبه.
فيصل الباقر